الثلاثاء، ٣٠ مارس ٢٠١٠

رحلة الى الكنيسة .. رحلة من الشك الى اليقين..

يوم الجمعة 17/10/2003 كنت في هذه الاثناء في السنة الثانية من كلية الهندسة قسم العمارة اعذروني لو كان بها اخطأ ولكن حقا ستعجبكم فهي نقل لاكبر يوم احدث انقلاب في حياتي وارجو ان تقرأوها كلها . 

يوم من أهم الايام في حياتي الشخصية والدينية على الاطلاق....

بحث طُلب منا عن العمارة القبطية, لم يكن الدافع الأكبر عندي هو البحث نفسه وإنما دخول هذا العالم الجديد والغريب. إنه لشيء مثير وما هو إلا ارضاءا لفضولي كأي انسان عادي, وعزمت عند دخولي إلى الكنيسة أن التزم المنطقية بجميع جوانبها وأن أتخلى عن أي فكرة مسبقة كانت لدي عن النصرانية .. 

أن أتناسى مؤقتا سبهم للإسلام والحرب الهوجاء على الإسلام هنا في مصر . تناسيت ما قيل عن الإسلام أو ما قيل في حق الرسول الكريم, تجاهلت تلك الحرب التي كنت أحد أطرافها أدافع عن الإسلام وأزود عنه بكل ما أملك من قوة, تناسيت مواقفي القوية ضد أعداء الإسلام, ليس تخلي عن قضيتي وإنما لأرى هذا العالم الجديد, هل هم على حق أم نحن من هم على حق !!! ؟؟ 

وطأت قدماي محطة المرج الجديدة في إنتظار وصول المترو, لم أكن لوحدي ولكن معي صديقي محمد وبعد وصول المترو كنا بجوار إحدى النوافذ ننظر في هدوء إلى العالم من حولنا ,, بنظرات يملؤها الحزن وشعور الغربة فما الذي يلقي بنا إلى مثل هذه المواقف الغريبة نترك منازلنا وأهالينا على بعد مئات الكيلو مترات ونأتي إلى هنا لندرس ويشاء الله ان نأتي الى مثل هذه الاماكن البعيدة...!

تحرك بنا المترو بخطوات متثاقلة في البداية وبدأ صوت الفلنشات يشق صدر الهدوء الذي يعم المكان ليصدر نغما منتظما، رائعًا تارة، متناغم أحيانًا، شاذًا في كثير من الإحيان ... في إحدى المحطات "عين شمس" توقف المترو وركب أحد القساوسة وجلس بالكرسي المجاور لنا وكان ممسكا بقاموس الكتروني وكان أحمر الشعر أبيض لون وجهه مما يدل على أنه ليس مصريًا على ما أعتقد.. وكان ممسكًا بكتاب يفتحه ثم يستخدم القاموس في الترجمة ثم توقف عن الترجمة ووضع القاموس والكتاب في جيبه وعند وقوف المترو " في محطة رمسيس استعد للوقوف واتجه صوب الباب , وجد ازدحاما خفيفا فلم يزاحم وكلما تقدم أحد من أمامه تراجع للخلف مفسحًا له الطريق وترك مكانه بطريقة تستطيع ان تقول مفتعله جدا .. (هذا ما شعرته) ,, 

اقترب القطار من محطة الملك الصالح فقمت لاستعد للنزول وعند وصول القطار إلى محطة " ماري جرجس" نزلت وصديقي متجهين إلى مجمع الكنائس.. 

عندما نزلنا وجدنا الشارع ملئ بجنود الأمن المركزي بطريقة رهيبة فاتجهنا إلى محل يبيع الافلام واشترينا فلمًا وحجرا بطارية وسألنا الرجل ماذا ترشح لنا من الكنائس لنقوم بالبحث بها فقال الكنيسة المعلقة أو مار جرجس فاتجهنا أولا إلى " الكنيسة المعلقة كنيسة بسيطة من الخارج, عندما تدخل الى الكنيسة تدخل عبر صالة صغيرة بها معروضات عن تاريخ الكنيسة وصور للأساقفة وصور للباباوات في تسلسل زمني ويضع بعض الباعة معروضاتهم من كتب وسبح وسلاسل واكسسوارات وهدايا تذكاريا ويتشعب من هذه الصالة بهو به أيضا مثل هذه المعروضات تنتقل منه إلى صالة ليست كبيرة بها مدخلان للكنيسة به نقوشات بارزة وغائرة، يدخل فيها الزخارف النباتية مع وجود بعض الصلبان والشرائط الزخرفية، بعد أن عبرت الباب كانت الصلاة ما زالت مقامة فوقفت في الخلف وأخذت انظر إلى صلاتهم ... فمل صديقي وذهب هو للمنزل ووقفت وحدي انظر إلى صلاتهم ,, 

صلاة النصارى

 كانت صلاتهم عبارة عن أن يقوم كبيرهم بامساك مبخرة ويقوم بتبخير الكنيسة طوال الوقت وصوت اجراس تدق .. كنت اراقب حركة الناس اثناء الدخول والخروج واراقب تصرفاتهم وافعالهم , رايت السواح وهم يستعجبون من الصلاة فهي بالطبع مختلفة تماما عن الطقوس التي تقام في الكنائس الغربية وذلك لاختلاف المذاهب ولكني وجدت منهم احتراما لعقيدة النصارى المصريين حيث كانت تغطي النساء منهم روؤسهن بقطعة كبيرة من القماش رسم عليها صليب. عند دخول أحد الكنيسة عليه أن يُقبل عتبة الكنيسة أو يمسح عليها بيده وينظر للهيكل ..

أخذت أجول ببصري في الكنيسة وجو الرهبة يعلوها وهناك عدة أشعة للشمس تدخل عبر فتحات قليلة في السقف بشكل يجعلك تشعر بالرهبة وتتحرك أشعة الشمس بدفقات كلما تحرك البخور في الجو.. بعد هذا البخور يقف أحد القساوسة ويلقي موعظة لم أفهم منها شيء لانها ليست منظمة ثم فترة من الترانيم وحقا لم تستسغها أذناي فلا يوجد تناغم لا في الألفاظ ولا حتى الصوت نفسه ولا أستطيع أن أتخيل مقدار تحمل المصلين لهذا الإزعاج والذي لا يبعث الا على التوتر لا الراحة .. وهذه الترانيم هي باللغة القبطية التي لا يفهمها 90% من شعب الكنيسة وحتى بعض القساوسة أنفسهم .. وبعد قرابة الساعتين .. من هذه الترانيم .. يتوجه المصلين إلى مكان به أكواب من الماء " صغيرة الحجم" ولكن لونها متغير مائل إلى اللون الابيض.. ويشرب كل واحد كوبا صغيرًا ثم يقوم كبير الكهنة برش الماء على المصلين وهنا ابتعدت كيلا يصيبني هذا الماء .. وكان منظرًا عجيبا هو يتجه في اتجاه وتجد شعب الكنيسة يجرون وراءه وأنا ابتعد عنهم ..وانتهت مراسم الصلاة ووقف كبيرهم ليقول كلمة ويحذرهم فيها من رجل يدعي انها "بابا" وأنشأ كنيسة جديدة .. ثم انصرف معظم الناس .. هنا تنفست الصعداء فقد خرج معظمهم وانتهت تلك الترانيم وتوقف صوت الرجل الذي كان ينطق بالباطل .. بعد ذلك كان هناك كثيرًا من النصارى يتمسحون في الصور والأيقونات وكان هذا يسبب تعطيلًا لي لأنني قمت بتصوير تلك الأيقونات كل واحدة منها على حدة.. ويوجد في جدار الكنيسة الخلفي رفات لبعض القساوسة كانوا يتمسحون فيها أيضا ويوقدون حولها الشموع..

وخرج أحد الكهنة بعد ذلك يمسك صليبًا وبيده قطعة خبز كلما مر بجوار أحد قبل الرجل يد القسيس وأخذ قطعة من الخبز . تعجبت حقا مما يحدث في الكنيسة فكل شيء بينك وبين الله لابد أن تمرره أولا لذلك الكاهن... .. تريد أن تصلي لابد أن يساعدك الكاهن،  تريد أن يغفر الله لك يجب أن يعطيك ذلك الكاهن صك للغفران حتى يغفر الله لك ... خرجت بعدها إلى المعبد اليهودي الموجود في المنطقة . هالني ما رأيت من كمية الزخارف والأحجار الكريمة والذهب التي توجد في هذا المعبد . وكان عبارة عن حجرة مستطيلة وبها شيء كبير في المنتصف لا أعرف ما هو حقيقة .. 

بعد ذلك بلحظات سمعت صوت الآذان يعلو في الأفق .. سرت قشعريرة رهيبة في جسدي. والله والله لو توقفت لمدة سنوات أصف لك شعوري عندما قال المؤذن الله اكبر.. لا أستطع.. كأني لأول مرة أسمع آذان في حياتي .. كانت المسافة بيني وبين المسجد حاولي 800 متر وكان المسجد ملاصق لمسجد عمرو بن العاص أول مسجد تم بناؤه في مصر ولكنه مغلق للتصليحات أخذت أجري بشدة في الشارع وأنا ذاهب للمسجد إنها صلاة الجمعة لدرجة أنه استوقفني رجال الأمن وفتشوني لأنني كنت أجري.. دخلت المسجد وأخذت ابكي بشدة والناس ينظرون لي بغرابة شديدة .. أنظر للمسجد وبساطته وأشعر أني قريب من الله بدون وساطة .. أقف وأقول الله أكبر لأصلي السنة وأنظر للأرض وأبكي بشدة ... هاأنا أقف بين يدي الله بدون أي وسيط .. أو كاهن يقبل اعترافاتي ... أو يعطيني صكوك الغفران أضع جبيني على الأرض ذلاً وخضوعًا لله عز وجل وأشعر بقربي من الله وأدعوه أن يغفر لي ويرحمني أشعر وكأنني أحتضن الأرض لأنني منها ... أنهيت صلاتي نظرت حولي كلنا جالسون على الأرض كلنا سواسية ننتظر الخطيب .. صعد الخطيب المنبر ولا أجد فرق بيني وبينه كلنا مسلمون ... الخطيب نفسه لا يملك شيء لنفسه كلنا بشر على عكس الكنيسة .... والله من أول دخولي للمسجد لإنهائي الصلاة ما توقفت لحظة عن البكاء وفرحي بهذا الدين العظيم كل لحظة لم تمر إلا أناا أقول " الحمد لله على نعمة الإسلام" حقًا إنه لأروع يوم في حياتي هو هذا اليوم ليس لأنني دخلت الكنيسة وإنما لأنني دخلت المسجد شعرت أني بين أهلي وأحبابي وبين يدي ربي .. ربي الله ورسول الله هو محمد ... شعرت بقوة القران وصدقه .. إخواني .... لا إله إلا الله محمدا رسول الله خالد هشام 17/10/2003

ليست هناك تعليقات: